في الوقت الذي اعلنت فيه وكالة ناسا عن الاستعداد لارسال أول مستعمرة بشرية لكوكب المريخ خلال 15 عاما، تغرق الإسكندرية للمرة التالية على التوالي في مياه الأمطار، وغرق قرية عفونة التابعة لوادي النطرون بمحافظة البحيرة نتيجة السيول ليلة أمس، وانقاذ الجيش لـ 72 شخص من أهالي القرية ونقلهم للمستشفى، وتُعلَن منطقة منكوبة.
ليكون الانجاز الذي تم في تكرار نفس المشكلة مسببة نفس الأزمة، هو اعلان أن غدا الخميس إجازة رسمية للعاملين في القطاعات الحكومية بالإسكندرية والبحيرة.
الوضع في الصورة المنتشرة على فيس بوك وتويتر يدعو الكثيرين للتساؤل: أهي صورة حقيقة؟ ويدعو أكثر للسخرية أو الكوميديا السوداء؟
على جانب من الأحداث يستوقفني حديث سواق مشروع “ميكروباص” لزميلة على التليفون عندنا مر بمشروع غارق في مياه المطر على الكورنيش:
– يا حودة الوله سعيد وقع مننا!!!!
“وقع مننا”!!!! بطريقة تشبه أنهم يواجهون معركة عسكرية وليس خوضا في مياه متدفقة من السماء، لم تستطع الأرض أن تغيضها بسبب البلاعات المسدودة.
ولا صورة متداولة لمواطن من بحري وبالتحديد من حي الجمرك وهو ينقل الناس بمركب صغير ذي مجاديف مطبقا مبدأ: “حمارتك العارجة ولا سؤال اللئيم” والرزق يحب الخفية، نفس المبدأ الذي دفع مواطن “الغرقة اللي فاتت” لحمل المواطنين ليعدي بهم الشارع نظير جنيه، أو الصورة الأخرى لمواطن آخر يعبر نفق سيدي بشر على ظهر حمار لا يبين منه إلا أذنيه.. الوضع يتحول من المضحك للمأسوي.
تضرر قرى في محافظات البحيرة وانقطاع التيار الكهربي عنها لساعات، وغرق الأدوار الأرضية بمحتوياتها في الإسكندرية، سواء كانت محلات تجارية أو شقق سكنية.. التنبؤ بوقوع عدد كبير من المنازل القديمة نظرا لدخول المياه أسفلها.. وقوع كبلات كهربائية في مياه الأمطار كما ورد بالاستغاثات المنتشرة على فيس بوك وتويتر مثل “وقوع عامود كهربائي في مدرسة طه حسين وحصار الطالبات داخل المدرسة، وقوع كابل في مياه الأمطار في منطقة سموحة وغبريال”، وغيرها الكثير.
حتى نُحق الحق، بعد الغرقة الأولى ابتدأت عمليات تصليح شبكة الصرف الصحي في أحياء المنتزة والرمل أول وثاني، إلا أن السماء نزلت بغضبتها الثانية بسرعة، لتطل علينا نائبة المحافظ بحل عبقري وهو: أن يلزم الناس بيوتهم ويرشدوا استهلاكهم للماء والكهرباء، لكن من الواضح أنها لا تثق في الاستجابة لندائها فقُطعت الكهرباء والمياه عن مناطق عديدة بالإسكندرية.
ويتصدر هاتشتاج #اسكندرية_تغرق مواقع التواصل الاجتماعي لنرى بين الجميع وجها حانقا يجعر: هنكفيكم محافظين منين.. اغرقوا وأنتم ساكتين؟
ليطلق السكندريون نداء لسفينة نوح كي ينجو فيها، ولا نرى في تلك الأزمة إلا الجيش، الذي يقوم بنزح الماء من الشوارع في عربات تابعة للمنطقة الشمالية للقوات المسلحة، وكذلك انقاذ المنكوبين في البحيرة ونقلهم للمستشفيات، لنتساءل جميعا، هل دور الجيش كسح المياه، وتخفيض الأسعار، وتنظيم المرور، ورصف الطرق……….إلخ؟ أم أن هناك أجهزة دولة أخرى منوطا بها القيام بعملها؟
وأين هنا لجنة مواجهة الأزمات والكوارث؟ وأين هي الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أجهزة الدولة لمواجهة تلك الأزمة البيئية والخدمية على حد سواء؟
إذا الدولة ليس لديها الإمكانات لمواجهة تلك الأزمة، لماذا لا تستعين بخبراء من خارج مصر إذا عقمت مصر عن وجود خبراء بها لمواجهة تلك الكارثة؟
طب نحن معرضون لباقي نوة المكنسة يوم 16/11 وهي تستمر 4 أيام ممطرة، هل نجهز أنفسنا بعوامات مطاطية ومراكب -كمواطنين- أم ستفعل الدولة شيئا؟
يسأل المواطن الغرقان وهو يبقلل في مياه المطر، الدولة الغرقانه علها ترد عليه تلك التساؤلات.. فهل من مجيب؟