اليوم : الخميس 12 نوفمبر 2015

في فئة غريبة جدا من الناس بتحاول تبرر المحاكمات العسكرية للمدنيين. ناس بتدعّي إن فيه استثناءات حتى في الدول المتقدمة لو التهمة متعلقة بالقوات المسلحة أو بتهديد الاستقرار.. الكلام ده سواء عن جهل أو للتضليل، فهو مقزز، ويا ريت اللي مايعرفش، يقول عدس.

بداية كلام.. في محقق صحفي زي حسام بهجت كده اسمه سيمور هيرش. الرجل أسطورة في الصحافة العالمية وسبب شهرته إنه سنة 1969 كشف عن أحد جرائم جيش الولايات المتحدة الأمريكية في فيتنام.. هل اتحاكم عسكرياً؟ لأ طبعاً.. هل اتحاكم مدنياً؟ لأ طبعاً برضه.. بالعكس، ده سنة 1970 حصل على جائزة بوليتزر “أفضل تقرير في الشؤون الدولية”.. الرجل ده في 2004 هو برضه اللي كشف جرائم الجيش الأمريكي في سجن أبو غريب في العراق، وفي نفس السنة حصل على جائزة جورج أورويل.

الناس الغريبة هتقوللي إن دي مقارنة مش مظبوطة، بما إن هيرش كان بيكشف جرائم، في حين حسام بهجت بيكشف عن معلومات تهدد استقرار الدولة! بغض النظر إن التقرير نزل في بي بي سي قبل ما ينشره هو، وبغض النظر إني مش موافقهم في النقطة دي نهائيا، بس علشان نجيب من الآخر. في اتنين محققين صحفيين اسمهم كارل بيرنشتاين وبوب وودورد.. الاتنين دول هما اللي كشفوا أكبر فضيحة سياسية في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية المعروفة باسم فضيحة ووترجيت.

الفضيحة دي أدت إلى العديد من التحقيقات مع مسئولين الحكومة وانتهت باستقالة الرئيس ريتشارد نيكسون، اللي تمت محاكمته بعدها.. كل ده أثناء الحرب الباردة مع الاتحاد السوفييتي.. كلمني أكتر عن تهديد الاستقرار الوهمي اللي أنت بتتكلم عنه!

هل تمت محاكمة بيرنشتاين أو وودورد عسكريا أو مدنيا؟ لأ طبعاً.. هما من أشهر الصحفيين في أمريكا، وكتبهم عن الفضايح السياسية هي الأكثر مبيعا وبتتقلب أفلام في هوليوود.

نيجي بقى لنقطة تانية وهي: هل في دولة محترمة بتحاكم المدنيين في محاكم عسكرية؟ لأ طبعاً.. اتكلمنا عن الولايات المتحدة.. ناخد أوروبا بقى.. على سبيل المثال لا الحصر، هاتكلم عن بريطانيا وفرنسا وألمانيا.

في بريطانيا.. محدش هيفهم إيه المقصود إن واحد مدني يتحاكم عسكرياً.. يعني مش هيشوفوا الصلة من كتر ما هي حاجة مش منطقية، وبالنسبة لمحاكمة العساكر، فما أدراك ما نظام الحكم العسكري، وعامل إزاي وسبل الطعن ضد الحكم وضد الإدانة نفسها، بحيث يضمنوا إن العسكري مايتظلمش.

أما في فرنسا وألمانيا، فهما تقدموا عن باقي الدول في النقطة دي.. مفيش محاكمات عسكرية.. حتى أبناء القوات المسلحة الفرنسية أو الألمانية نفسهم بيتحاكموا مدنيا حالياً.. فكرة المحاكم العسكرية دي إلى زوال خلاص.. وإحنا في مصر بنحاكم صحفي (مواطن مدني) عسكريا علشان عمل شغله!!! ده بدل ما نكافأه؟!

مفيش غير نظام غبي هو اللي يشتغل على تكميم الأفواه وكسر الأقلام. السياسة دي عمرها ما هتحل أي مشكلة.. حق حرية الرأي والتعبير وحق الصحافة دي أساسيات لاتزان القوى في أي دولة، وبتضمن محاسبة المسئولين.. دولة السيسي عاملة زي السواق اللي راكب عربية ولمبة الفرامل نورت في التابلوه، قام شايل اللمبة، وفاكر إنه ذكي أو إن المشكلة كده اتحلت. لو الدولة عايزة تموت، فإحنا –كشعب- عايزين نعيش.

المقال دة بيقول: لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين، وبيقول كفاية بقى قمع لحرية التعبير.. ولا عاجبكم برنامج ساخر ولا مقال ولا صوت حق على قنوات التليفزيون.. كفاية هروب من الحقيقة!

تعليقات الموقع

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة

الأكثر تعليقا

النشرة البريدية

تابعنا على فايسبوك