اليوم : الثلاثاء 17 نوفمبر 2015

لم تكن تلك المرة الأولى التي يندس فيها هذا الفاصل الليلي بين كوابيسي المتصلة في نومي “المدعى” كل ليلة، عندما راودني على هئية اتصال هاتفي من رئاسة الجمهورية باستهلال المتحدث:
“الرئاسة معجبة جدا بمشروعك وعارفين إنكوا محتاجين مكان ذو مساحة لاحتضان الاجتماعات والتحضيرات”
ليكمل…
“مي… تقدري تيجي بكرة تستلمي مسرح الفردوس”!
اقر واعترف أنا كاتب تلك السطور أن مجرد علمي بأن هذا الاتصال وارد من الرئاسة ذاتها كان المسيطر على كامل طاقتي الذهنية.. سواء كبطل في هذا المنام أو كمشاهد له مستلقي على سريره في العالم الحقيقي.
انهيت المكالمة.. وكانت علامات المفاجئة غير المفسرة هي المسيطر على وجهي، بل وكل ما يكون جسدي.. حتى بلغتني، وأخيرا، صحوة ذهنية مفاجئة عندما جهرت:

“الله!! لا أنا اكلم #عايز_مسرح يشوفوا هيعملوا إيه! هي الرئاسة بتتناسى ولا إيه النظام ؟”
فتعقب تلك الصحوة غفلة شيطانية خبيثة مصحوبة بتساؤل ممزوج بإجابته:
“طب ما أنا أولى! أنا كمان تعبت وفكرتنا محتاجة دعم برضه! مش هاكلمهم فاكس”!

فاستيقظت بفزعة عارمة على هذا المستوى من (بلغة الشباب) الندالة والتخلي عن المبدأ!
الى أن تأكدت أنه حلم.. بل كابوس و”ماراحش لحاله”
فظل في ذهني طوال هذا اليوم تساؤلين:

1- هل يمكن للسلطة.. أي سلطة أن تستخدم في مرحلة ما سياسة “وقعهم في بعض” حتى تزداد حدة الخلافات بين الشباب باستخدام عصا “الإلهاء” السحرية تقليلا لقوة الوجود الشبابي في الشارع؟

2- هل يمكن للشباب بعد كل هذا العناء، المعافرة والتخبط بين روتين ومعوقات وتردي خدمات تعليمية وبعد الانتصار على كل هذا وذاك (إبداعيا) أن يتخلى عن ما تبناه من مبادئ وسياسات لوطن أفضل، متأثرا بمفهوم “زغللة” عين الطموح؟

بداية عصر جديد في أولى كلماته توجه فيه الدعوة للشباب أن يتصدروا الصف بكل ما أوتوا من إمكانيات إبداعية وثقافية مكتسبة بمجهودات ذاتية أبعد ما تكون عن أي خدمات يكون توفيرها لهم من الدولة أمرا أبسط من بديهي، وتذييل تلك الدعوى بنفي الاعتماد على أي إمكانيات للدولة وفقا لحديث الرئيس: “بصراحة كده.. لو مانتش قادر على إنك أنت تتصدى لمشاكل الأمة دي وتنجزها (بأفكااااااار) مش بإمكانيات بس.. لأنك أنت لو بتتكلم عن إمكانيات الدولة.. قد لا تكون إمكانيات الدولة كافية لعمل ده”، وموافقة الشباب (الطرف الثاني) للتوقيع على هذه الاتفاقية بلا إكراه وبكامل قواه الإبداعية ذات الشغف والإصرار العاليين بلا منازع.. يضعنا أمام تساؤل ثالث:
أي الطرفين أكثر جدية في تنفيذ التزامه؟
إجابة هذا التساؤل ستكون جامعة ووافية لأي شرح أو جدال مطول بخصوص التساؤلين الأول والثاني!
1- فـ “احتمالية” لجوء السلطة لسياسة الإلهاء ليس بالبعيدة بالرغم من أن التزامها في هذا التعاقد يختزل في إمضاءات على أوراق وإجراءات روتينية بحتة، فالسلطة هنا تحتل عباءة الكلاسيكيات، والشباب بتنفيذهم لالتزاماتهم يحتلون ملكوت الإبداع كاملا حق احتلال.. احتلال شرعي محترم ذو غاية راقية ومرخصة من الطرف الأول.
سقف الإبداع والفكر أزاله الطرف الأول وقيده بشرط “انعدام الإمكانيات”، أو إنصافا.. “عدم كفاية الإمكانيات”، ليهجم الطرف الثاني بأسلحته ويخرج مبادرات، أفكار، مشروعات، بل واختراعات لن تستنشق إمكانيات أو تمويل.. بل بالعكس ستجنى هذا وذاك!
تلك السطور -عزيزي القارئ – غير مهداه لفريق #عايز_مسرح ولا دعاية مستترة لمشروعي الذي سيكشف عنه الستار قريبا، ولا هي بمثابة خواطر لحلم راودني نتيجة ضغط عمل وتفكير، وليست سطورا مهاجمة للسلطة تحت بند المؤامرة أو العداوة.. ولا حتى دفاعا عن أنفس تطمع ضعفا.. هي تساؤلات مرعبة.. للطرف الثاني فقط ، تساؤلات مترجمة للتساؤالين السابقين محور حديثنا.. هل تجاهلت السلطة حجم التزامها قبل التوقيع عليه؟

هل فتح المجال للإبداع – دون التطرق لإمكانيات ولو البسيط منها وهو أمر غير منطقي- قد تخطى الحدود فعجزت السلطة عن تحجيمه؟

هل استمرار فشل التحجيم هذا سيزيد من مطامع الشباب إن وجدت فرصة وحيدة لتنفيذ أفكارهم، فينهالون عليها كفريسة وسط قرية “أسود الإبداع” ؟

شبابنا ليس ضحية.. ليس بأبله.. واع ومثقف “بجهوده الذاتية” بلا تعاون أو خدمات أساسية طبيعية! هو حالم، وأيضا في عجلة من أمره فقد ولدنا نحن أبناء هذا الجيل ونحن متأخرين، على عاتقنا منذ نعومة أظافرنا مهمة الإصلاح والانطلاق للعالم الأول، بغض النظر أننا لم نكن حاضرين لجلسة التصويت على توزيع تلك العوالم، فكنا مجرد خلايا تنقسم ذاتيا، يسحبنا للخلف روتين وقاعدة (عدي بكرة عشان مدام سامية روحت بالختم)، ويجذبنا للأمام طموح ضرورة وحتمية التغيير، ويوقفنا في مرحلة ما قدوم جيل جديد.. لنتذكر أننا لم نهيئ الأرض لهم بعد لإكمال المسيرة، فنهرع إلى الانتاج.. خوفا من أن يأتي الوقت الذي نحمل فيه الراية بدون مقدمات.. نقف أمام هذا الجيل ليحاسبنا، فتلتفت للجيل السابق لك فتراهم اختفوا فتزر وازرة وزر أخرى! وننقسم كفريق شبابي.. يهرع البعض منا إلى المحسوبية، سرقة الفرص أملا في الانجاز، فيعيد التاريخ و”الجيل” نفسه!
ويظل البعض الآخر في محله مكملا لسياسته بعيدا عن أي تراجع في المبدأ، وما يحدث في النهاية لهذا البعض الأخير؟ يعقل شابا ويهرم جسدا!

“وأنت يا مي.. هتسلمي المسرح ولا هتستلميه؟”
حتما سأنتهز الفرصة بكل ما أوتيت من قوة وحماس لأقف على هذا المسرح احكي هذا الكابوس.. والقي بالمفتاح في يد #عايز_مسرح!

جيل واحد بعيدا عن.. الزغللة!

تعليقات الموقع

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة

الأكثر تعليقا

النشرة البريدية

تابعنا على فايسبوك