اليوم : الأحد 03 مايو 2015

حادثة إنفجار مدينة الإنتاج الإعلامي, واللي أدت لإنقطاع فج وكارثي لأول مرة في بث عدد من القنوات الإعلامية المصرية, وبعيدا عن التناول الساخر السريع الذي رأيناه عبر السوشيال ميديا، فالحقيقة أن هذا الحادث لفت انتباهي لأكثر من نقطة، واعتقد أن النقاط دي، لا يجب أن تمر مرور الكرام!

(1)

النقطة الأولى: كشف القصور الأمني

حسب معلوماتي، أن مدينة الإنتاج الإعلامي مش بس مكان إستراتيجي حيوي (بث قنوات فضائية – قمر صناعي وتأثير إعلامي زي ماسبيرو وأكتر)، ده كمان مكان إستثماري، ومن أكبر إستثمارات الدولة مع القطاع الخاص! وحمايته حاجة موكلة إلى الجيش في بعض الحالات والأيام, فضلا عن تواجد الشرطة المكثف في كل أنحائها, سواء على الطرق المؤدية لها أو داخلها أو المحيط بها.

لهذا.. السؤال هنا:

إزاي ده حصل؟! ناس تحركوا على بعد كيلومتر من المدينة بالسهولة دي؟

يعني راحوا وخرجوا عن الطريق, وراحوا لمنطقة الأبراج, وشالوا مواد متفجرة.. اتحركوا بيها عادي كده، وراحوا زرعوا عبوات في نقاط محددة، ثم مشيوا!

دخلوا إزاي وجم منين؟ وشالوها إزاي؟ وكانت فين القوات دي؟ كانت بتشرب شاي؟

طب إيه فايدة التأمين الضخم ده كله، إذا كان مش فعال في نقاط كارثية زي دي؟!

أظن دي نقطة تثير الاستغراب بجد!

(2)

النقطة الثانية: تطور مستوى دقة العمليات الإرهابية تقنيا!

لأنك لما تقرا تفاصيل الحادثة وتجمع الصورة، هتلاقي نفسك بيخطر في بالك سؤال منطقي وهو: إزاي عرفوا يحددوا بالدقة دي مكان الأبراج اللي قطعها يسبب المشكلة الضخمة دي؟

عشان حضرتك الحاجات دي مش مكتوب عليها (هذه أبراج كهرباء المدينة اللي لو فجرتها هتقطع الكهربا عن المدينة) مثلا!

واللي راح مدينة الإنتاج الإعلامي أكتر من مرة، هيعرف قد إيه هي معقدة من الداخل، وإن التفاصيل كمان معقدة خارجها سواء أسوار أو مناطق أو أبراج كهرباء أو كابلات أو مباني (بجانب نقطة الحراسة الأمنية طبعا)، بما يعني إنك لازم تكون مش بس واخد بالك من تحركات الأمن، لأ ده كمان لازم تكون معاك خرائط تقنية دقيقة وحديثة (لأن كل سنة بيضاف حاجات جديدة بتتلاحظ كتحديث في بنية المكان أو خارجه)

السؤال بقي: إزاي هما حددوا الأبراج اللي تعمل كدة؟

يعني إشمعني عرفوا إن ضرب الأبراج دي,هيعمل القطع ده بالحجم ده؟

إيه اللي عرفهم إن الأبراج دي هتضرب النقاط دي؟ وإنها أساسية مش فرعية؟

جابوا الخرائط دي منين؟ وعرفوها إزاي؟ وهل الخرائط الحيوية دي متاحة لأي حد؟

إذا ماكنتش شايف إن ده تطور دقيق في مستوى الإرهاب, فإنت لديك مشكلة!

وهنا ممكن نواجه بمنطق يبرر ده قائلا: أصل وزارة الكهرباء مخترقة!

وده بالظبط العذر اللي أقبح من الذنب، لأن أنت بتقول مخترقين.. طيب ويا ترى هي مخترقة الأيام دي ولا من زمان؟ لأن لو الأيام دي: طيب ما ده اللى بنقوله, إنه اخترقك الأيام دي! ولو من زمان، فكيف كان تعاملك مع الاختراق ده اللي أنت عارفه وواخده شماعة؟!

ولو كل حاجة معاه والخرايط معاه، فاشمعني عمل الحادثة دي دلوقتي؟

ليه ما عملهاش طوال سنتين مثلا؟

ولو من زمان مخترقين، إنت ليه ما عملتش تغييرات بسيطة (ولو تقنية) تمنع إنه يستغل المعلومات دي في تهديد أهداف حيوية مثلا؟

وبعدين تعالى هنا.. هو أنت بتبرر سرقة خريطة الكهرباء لهدف واحد إستراتيجي، بإنك تقول ‘نه إختراق لوزارة وجهاز كهرباء مصر كله؟ طيب هتتعامل معاها إزاي؟

يعني أنت بتقول: إطمنوا يا جماعة, ده مش معاه خريطة مدينة الإنتاج.. ههههههه.. ده معاه كل حاجة، وهينفخنا تهديدات كل دقيقة فى كل مكان!

طيب إيه خطتك للتعامل مع الخطر ده؟

أظن حضرتك مسئول, هل عندك خطة تتعامل بيها، ولا لكل حادث حديث؟

وسواء دلوقتي أو فيما بعد, فالحادثة بتبين إنه بدأ يستغل معلومات دقيقة استغلال خطير.. سواء بقى بررت إنها توافرت له دلوقتي أو من زمان،

فهو بدأ يستغلها بشكل جديد.. وده تطور مش بسيط بالمرة!

(3)

النقطة الثالثة: فشل الخطة الاحتياطية

يعني هنا فكرت برضه: إزاي مكان حيوي زي ده ومعندوش خطة B؟

خطة B أو Plan B، هو تعبير يعرفه أي حد قرا أو سمع عن ألف باء احتياطات, والمفترض يعرفه أي حد بيحارب الإرهاب, ومستهدف، خصوصا لو كان مقتنع إنه بتحاك ضده (مؤامرات من كل الدنيا، ومخابرات عالمية ومعرفش إيه وطابور خامس!)

لهذا، فقد كان من المتوقع ومن المفترض إنه لازم يخلي لكل مكان حيوي خطة B.. بحالاتها المختلفة.. يعني في حالة الهجوم مخارج احتياطية.. في حالة الحريق وحدات إطفاء قريبة، وفي حالة قطع الكهرباء مثلا يكون نقل الضغط –أتوماتيك- لخط تاني أو إتجاه تاني بالشبكة الكهربية مع وجود بروتوكول تعامل إنتقالي مؤقت لحين حل المشكلة!

لكن اللي تابع الموضوع، هيلاحظ إن خطة B ما كانتش مضبوطة بالمرة!

وكانت فاشلة فشل السنين.. يعني قريت إنه كان فيه مولدات كهربية مؤقتة! (من اللي بتشتغل باين بسولار ولا حاجة زي كدة!)

بالذمة, حد يفتكر إن مولدات تشتغل لستوديوهات القنوات دي كلها؟ إنت بتهزر؟! المولدات دي تنفع لساعة أو ساعتين.. تنفع في ليلة فرح شعبي، لكن مش لستوديوهات وضغط كهرباء بحجم استوديوهات بالإضاءة والبث والتقنيات العالي دي!

وهنا تفكر:

هو فين التخطيط للمدينة، بحيث ما تبقاش معتمدة على إتجاه واحد في الشبكة الكهربية؟

يعني حصل قطع في إتجاه (سواء عملية إرهابية أو حتى وقوع شبكة أو حتى صاعقة ضربت الأسلاك حتى أو حريق أو ارتفاع حرارة)، فالمفترض إنك بتعتمد على المولدات لغاية ما تنقل التوزيع على إتجاه احتياطي؟ صح؟ إيه بقى الجنان اللي أنت عامله ده؟

ده يدل عندي على إن الدولة هنا كانت معتمدة على الخطة A وبس،

وهي رمزية لجملة:

ANA FE HEMAYET ELHOKOOMA = أنا في حماية الحكومة!

يعني حماية أمنية وبس!

لكن إدارة حكومية دقيقة وأكاديمية وفاهمة ومخططة؟

أعوذ بالله يا عم! إدارة وأزمات والكلام الكبير ده؟ استغفر الله! عيب يا كلاوي!

وإحنا من إمتى بنعمل الحاجات دي؟ يا راجل.. كبر مخك!

(4)

النقطة الرابعة: شماتة الشباب الغاضب من النظام

واعني هنا حالة الشماتة اللي كانت عند البعض، والسخرية من الحدث،

وهي سخرية لطيفة, وشماتة مفهومة، وإن كنت أراها في غير موضعها،

وفي نفس الوقت اتفهم أسبابها الحقيقة نتيجة غشومية النظام، لأنني – شخصيا- أنا مخنوق من الإعلاميين المقززين، وموقفي معروف منهم،

لكن حالة الشماتة اللي ظهرت دلت على مؤشر خطير، وهو أن خطة الدولة لصناعة إعلام موجه فشلت بامتياز بين الشباب الأكثر اهتماما.. دي فشلت فشل ذريع.. فشلت لدرجة إن الشباب مش فقط مش بيسمع لهم، ورافض يسمع لنظام (الصوت الواحد الموحد) بتاع الدولة اللي بتحاول تفرضه عبر قنوات موحدة بإعلاميين موحدين، وحتى الجرايد بقيت تلاقي مانشيتاتها موحدة.. لأ دي فشلت كمان إلى حد إن الشباب بقى شمتان إن بوق الصوت الواحد ده اتخرس، ولو شوية.. ولو ليوم!

للدرجة دي؟!

أيوة للدرجة دي!

لأن الشباب بقى حاسس إنه أصلا مش متواجد فيه بشكل حقيقي..

بتستبعدوا الإعلاميين اللي حبهم وشافهم حلوين.. يعني متوقع إيه في ظل استبعاد أو تقييد كل الرموز الإعلامية اللي حبها الشباب؟!

سواء باسم يوسف أو دينا عبد الرحمن أو يسري فودة أو ريم ماجد أو غيرهم، وبتستبدلوهم بنماذج قمة في الأداء المتأخر مهنيا وشعبيا.. يعني تحاصروا باسم يوسف, وتفرضوا علينا نسمع أحمد آدم أو أبو حفيظة؟!

تحاصروا وتضيقوا على يسري فودة, وتفرضوا علينا أحمد موسى؟

لهذا.. أكيد الشباب له حق ينفر من الطبق اللي نازل قصاده على الطاولة،

وبنظام (هو ده الأكل اللي عندي, يا تطفح, يا تخليك جعان!)

لهذا وصلت الشماتة والتشفي لدرجة الفرحة حتى لو كان ده حدث خطر!

وهو فعلا خطر عام بصراحة, لأن اللي بيستهدف مكان زي ده, ممكن يستهدف أماكن أخرى في ذات مستواها، إن لم يكن أشد!

ولأن الدولة أثبتت هشاشة داخلية في الحادثة دي، بينما بتتظاهر بالقوة من الخارج، لهذا فإن نصيحتي لهذه الدولة، هو أن التشفي ده قبل ما تتسرع وتستنكره كقيادة في الدولة، عليك أن تفهمه وتفهم أن القرف اللي بتعمله كنظام وكدولة بفرض سياسة الصوت الواحد وحصار وتشويه وشتم وتخوين ومطاردة أي صوت مختلف، أكيد حايؤدي للشماتة دي.. السياسة الحمقاء دي, أكيد هييجي وقت وتحصد ثمارها في كل حادثة بتحصل أو هتحصل.

يعني بالمختصر هنا.. كفاية تحكمات ومنع وقمع إعلامي وإطلاق كلاب إعلامية على كل معارض، والقرف ده، وإلا فكل الزفت ده إنت هتحصده بأكثر مما تتخيله ومما تحتمله، لأن الشباب مش عبيط وفاهم!

(5)

اللي شايف الصورة، هيحس إن الإرهابيين انتقلوا من مرحلة الانتشار،

ودخلوا فى مرحلة اختيار وانتقاء الأهداف وتصعيد الهجوم! ويعرف إن الهدوء النسبي اللي كان في فترة فاتت.. كان هدوء ما قبل العاصفة! هدوء بيرتب فيه وبينظم وبيضبط الدنيا, لمرحلة جديدة مقلقة وخطيرة علينا جميعا!

الخلاصة.. هنقول إيه يعني؟

ندعي ونقول يا رب!

ربنا يستر علينا من قمع وغشومية النظام, وجنون ضربات الإرهاب!

ربنا يستر علينا.. وعلى مصر.

 

 

تعليقات الموقع

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة

الأكثر تعليقا

النشرة البريدية

تابعنا على فايسبوك

اعلان

اعلان