اليوم : الاثنين 02 نوفمبر 2015

مثل السؤال السرمدي الذي يطرح نفسه كل وقت بعد ثورة يناير.. ثورة أم سياسة؟ هل يستريح الثائر ليبني الأمجاد أم يظل يناطح العباد ليشاركوه أفكاره وثورته؟

مثل هذا السؤال.. هناك سؤال المقاطعة وعدم المقاطعة.

هناك مشهدان على الساحة الآن.. مشهد عزوف الناخبين عن لجان الانتخابات ومشهد حملة المقاطعة التي أتت أوكلها بعد حين يسير، على البرنامج الذي تقدمه ريهام سعيد.

كنت أجلس بأحد المقاه ومرت حملة انتخابية لأحد مرشحي مجلس الشعب وكان الذين يوزعون الدعاية سيدات من شرائح المجتمع المختلفة.. قلت لهم إن هذا جيد.. أقصد مشاركة المراة، لكني وقبل أن أجد كلاما سريعا يشرح موقفي من الانتخابات، قالت لي إحداهن بسرعة: مقاطع؟ ثم أكملت مع غيري وسمعتها تسأله نفس السؤال!

هل كان الموقف بهذا الوضوح لكي يستوعبه مسئولي دعاية حملات مرشحي المحافظات في المرحلة الثانية بعدما شاهدوا المرحلة الاولى؟

حسنا.. الآن يرى الجميع مقاطعة مجلس الشعب، وحتى الإعلام المؤيد يزيد ويعيد بها، وكأن الموضوع لا توابع له ولا قيمة له.. حسنا إذا كان الموضوع هكذا، فلما الانتخابات أصلا؟

لنكمل شكل مؤسسات الدولة أمام الخارج كالبنك الدولي مثلا.. لنضبط أوراقنا كما يضبط من ينوي أخذ قرض من البنك ليسافر من مصر إلى الخارج بالأموال تاركا الأوراق للبنك.

وهل نترك مصر كلنا لنتهرب من قرض البنك والديون الدولية أم ستكون عبئا شئنا أم أبينا على ابنائنا؟

الجانب الآخر من المقاطعة، وهو الحملة على برنامج ريهام سعيد، والتي قد غيرت شكل المقاطعة وفكرتها عند جموع الشعب وطرحت أسئلة كثيرة لابد لها من إجابات لمن يريد أن يقرأ المشهد، ومنها:

لماذا لم تؤت حملات مقاطعة قبل ذلك تأثيرا سريعا مثل هذه الحملة؟

لماذا يتحمس ضد المذيعة مع هذه الحملة من يشاهد أقرانها المحسوبين على الاعلام المؤيد ويفرق بينها وبينهم؟

لماذا يجتمع مؤيدي فصائل سياسية عدة ومختلفة الاتجاه وبينهم ما صنع الحداد على هذا التوجه كأشخاص وكمجموعات؟

سأجتهد في الإجابة وعزائي أنني طرحت الأسئلة، واريد لغيري أن يسألها لنفسه ويجيبها.

اقول إن حملة المقاطعة نجحت لأن بها هدفا محددا وليست ككلمة “هلموا معي نحارب الجهل والفقر والمرض”.. ليست عامة ولا مرسلة، بل المنتج الفلاني المحدد الاسم والمصنع.

حملات المقاطعه من قبل كانت تقول: “قاطعوا البضائع الأمريكية” مثلا أو الدنماركية أو الصهيونية، فيقاطع الناس الجبنة وسياراتهم وهواتفهم وكل ما يستعملون مصنع في أمريكا أو دولة لها تجارة مع أمريكا وتصنع لديها لرخص العمالة.. أي أنها كانت حملات –تجاريا- فاشلة.. تدعوك لتقاطع بضاعة إجمالي تجارتها جنيهات محدودة وتتغافل عن أساسيات وكماليات للحياة لا أحد يستغني عنها، وهي بأضعاف أضعاف التجارة المطلوب مقاطعتها.

طبعا بالإضافة إلى التنافس التجاري بين العلامات التجارية المختلفة واستخدامهم الموضوع لمصلحتهم البحتة، مستغلين حماس الجموع.

ثانيا: غياب السياسة عن الشارع وتردي الأوضاع الاقتصادية، لابد له من منفذ.. ليست الشعوب مجموعه من الخانعين الساكتين دوما، وليس القمع حلا أبديا، وغسيل الأدمغة الإعلامي لا يمكنه أن يستمر للأبد، وتحرك الرقابة الشعبية لتقاطع برنامج تلفزيوني، ومن قبلها أن تعزف عن إنتخابات البرلمان نوع من أنواع التنفس الإجباري، الذي كان يصنعه نظام مبارك ليخفف الضغط عن نظامه وعن أجهزته.

يتعامى النظام الحالي عن أي تنفس للحالة التي عليها الشارع، ويكتفي بفزّاعة الإخوان ومحاربة الإرهاب والسعار الإعلامي الذي يخون كل من يتكلم عن أزمة اقتصادية أو يتحقق من أرقام أو حقائق ظاهرة للكل.

هذه المقاطعات التي تحدث تدل على شئ، ولن أذهب بعيدا واخلط التحليل بالتمني، لاقول تدل على ثورة كما دلت إنتخابات مجلس الشعب في 2010، لكني اقول أن أي نظام لكي يستمر يجب أن يبالي بمن يحكمهم جميعا، وليس فصيل المؤيدين منهم، حتى المؤيدين قد يصيبهم الضجر من التعالي عليهم واعتبارهم في الجيب.

لا اقول اجلبوا الحق والعدل والحرية، فقد قالها شباب يناير والكل يعلم ما أصابهم وأصاب الثورة من تشويه، لكني اقول حتى المحافظة على الكرسي تتطلب بعض التنفس، وحتي من يملك أسيرا لابد أن يطعمه ليبقيه حيا، إن حكم الشعوب لفترة طويلة، خصوصا للمهوسين بالحكم ولا يرون مشكلة في القتل والسجن للمعارضين، فحتى هؤلاء يحتاجون بعض الحرية ليصبغون بها ديكتاتوريتهم، ومجلس الشعب القادم أراه قفلا يحكم غلق البوتقة أكثر وأكثر.

فانتبهوا من المقاطعة.. إنها سلاح من لا يملك شيئا ليفعله.

تعليقات الموقع

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة

الأكثر تعليقا

النشرة البريدية

تابعنا على فايسبوك