أمام الميكروفون يختلف الوضع تماما، فنحن عندما نجد أنفسنا أمام الكاميرا بكل تنويعاتها الحياتية نتحول إلى ملائكة أو مصلحين اجتماعيين، وربما يتطور الأمر إلى أن نكون وعاظا وقادة تنويريين، ومرشدين روحانيين…. إلخ، بإمكانك تسمية ما تشاء، لكن بمجرد أن تنطفئ الأضواء من حولنا وتختفي الكاميرا ومعها الميكرفون، ونضطر إلى النزول عن المسرح، نعود إلى وجهنا الحقيقي، حيث تُنزع الأقنعة ونصبح عراة أمام أنفسنا وأمام كل المقربين.
لا أتحدث عن واحد أو اثنين، بل أتحدث عنا جميعا، هل فكرت في الإجابة التي تجيبها أغلب الراقصات، عندما يُوجه لهم السؤال: “هل من الممكن أن ترتدي الحجاب ذات يوم؟، فتكون الإجابة هي: ادعولي ربنا يهديني.”، هل فكرتم في إجابة الراقصة بعد أن تنزع الميكرفون من سقف حلقها، وتسحب بقعة الضوء من فوقها، بماذا ستجيب؟
دعك من الراقصة وحجابها، كلنا بلا استثناء ننجذب لمشاهدة الرقص بكل أشكاله، بينما ينعشنا الرقص الشرقي بشكل خاص، ونبحث عنه على اليوتيوب، ونفرح إذا ما توفرت لنا الفرصة أن نشاهد راقصة شرقية في أي فرح أو حفل كبير، لكننا في النهاية لو أتت لنا إحدى بناتنا لتخبرنا أنها تنوي أن تصبح راقصة شرقية، ستأخذنا الصدمة ونرفض ونتهمها بالانفلات، وإن قالت أن الرقص الشرقي فن جميل، سنقول لها أنه مجرد امرأة عارية تهز صدرها وبطنها ولا فن في ذلك.
دعك من الجمهور السابق المصاب بانفصام الشخصية، وتعالى إلى عالم السيارات… نعم السيارات، كلنا بلا استثناء نحلم بشراء سيارة حتى نحصل على رحمة الله من المواصلات المصرية العظيمة، لكن كثيرين منا يتعاملون مع السيارة باعتبارها “بريستيج” يحدد مكانتك الاجتماعية بين القوم، فليس مهما أين تسكن وماذا تأكل، لكن مهما جدا أن يراك أصحابك والغرباء على الطريق تقود سيارة فارهة – قدر استطاعتك وتسمع السايس يقول لك يا بيه وهو يغلق الباب ورائك، ويؤكد لك أنها في عينيه حتى تعود، لكن أن نفكر في شراء منزل بالنقود التي سندفعها في السيارة، فهذا أمر غير وارد، حيث إنه في عصرنا هذا لا يتزاور الناس تقريبا، بسبب سرعة وقائع الحياة، لذلك فالمنظرة تكمن في السيارة وليست في البيت.
دعك من السيارة والبيت، ما رأيك في أحدث هاتف محمول يتم تسويقه الآن في منطقتنا العربية؟ لقد أصبح الأهم الآن أن تحصل على آخر طراز من الآي فون والسامسونج وغيرها من العلامات التجارية للهواتف المحمولة، على أن تنظر إلى حذائك إن كان يحتاج إلى تصليح أم تحتاج إلى شراء واحد من الأساس، ولا أنسى أبدا الحوار الذي دار بين اثنتين من عاملات النظافة بإحدى الشركات، حيث كانت واحدة تخبر الأخرى عن أنها استطاعت أن توفير 2000 جنيه، وسوف تقترض من أخيها 2000 آخرين، حتى تتمكن من شراء أحدث موبايل يدخل على الفيس بوك.
ملحوظة: راتب الفتاة 1000جنيه شهريا.
دعك من كل ما سبق، ما رأيك في “حلة المحشي”؟ هل ستقول (أياه … المحشي ده سبب إننا في مصر تخان ومكلبظين)؟ إذا ما رأيك في “السوسيس والهامبرجر والبيتزا”؟ هل ستقول (أحلى أكلة في حياتي هي الهامبرجر)؟ ما رأيك أن سبب “دهولة” الأجساد المصرية يعود إلى الهامبرجر وليس المحشي؟ هل مازلت مصرا على الهامبرجر؟ فليرعاك الرب إذا.
دعكم من كل ما سبق: وعندما تقفون أمام الميكرفون تحدثوا عن مصر التي لا تُهزم، ومصر أم الدنيا التي ستكون أد الدنيا يوماً ما، ثم بمجرد أن يُسحب الميكرفون من حلوقكم، تأففوا من الأرض غير المستوية، والشعب العرقان غير المنضبط، وسبوا والعنوا في اليوم الذي وُلدتم فيه، داخل بلد فقيرة ومنهارة اقتصادياً، ثم اتجهوا من فوركم لشراء ساندويتش من ماكدونالدز، وتحدثوا عن أحدث موديلات الموبايلات، وافتحوا أفواهكم عن آخرها دهشة من انهيار الجنيه المصري أمام الدولار، وتحسروا على حلم تغيير السيارة لموديل أحدث، الذي ذهب أدراج الرياح.
دعكم من كل ما سبق، نحن شعب يحب الكلام كثيرا، لكنه في النهاية لا يفعل شيئاً ويركن إلى “المنظرة”، فهي بالنسبة لنا الحياة، وإلا فكيف سنقوم بتحديث صورة البروفايل على الفيس بوك، إن لم يكن لدينا جديدا نتمنظر به؟!
دعكم من كل ما سبق (ده كلام فاضي يا شيخ)
هل تذكرتم الاحتفال بالهالوين هذا العام؟
لا تنسوا أن تسبوا وتلعنوا أمريكا الشيطان الأكبر
أترككم في رعاية الله.